كيف تضيء قراءة لاكان للمشروع * عيادة الرضيع

ماري كريستين لازنيك
ترجمة: محمد درويش

مقدمة

اجتمع على مدار يومين في سبتمبر من العام الماضي، في نفس هذه الصالة، ثمانون شخصًا متخصصون في علاج الرضع سواء على المستوى النفسي أو على المستوى الجسدي وذلك بغرض تبادل معارفهم. وقد تعلق اجتماع العمل هذا، الذي سمي "الجسد الممزق للرضيع الذي سيصبح ذاتويًا"، بلقاء إكلينيكييٍ خالصٍ تناول الأبحاث الحالية التي تشير إلى أن الرضع الذين سيصبحون ذاتويين لديهم ومنذ الميلاد صعوباتٍ حركية وتنظيم للنشاط الحسي مختلف عن ذلك الذي للرضع النمطيين. وهو ما انطوى أيضًا على أن المحلل الذي قد كان هذا محور اهتمامه صار له من الممكن أن يقرن علاجه مع الزميل الذي هذا المجال هو تخصصه. وقد شيدت جينيفيف هاج Genevieve Haag، محللة نفسية من المدرسة الإنجليزية، بمفاهيمها تصورًا نظريًا لهذه العيادة، وقد تعطفت علينا بالتواجد طوال الوقت. وفيما يعنينا نحن المحللون داخل الحقل اللاكاني، فإن التآزر بين الجسد والنفس، عندما يتعلق الأمر بمثل هذه النتائج الدرامية المعنية بتشييد الذات، فإن الأمر يتطلب معالجة للمفاهيم. وإذا كان العمل البارز لجون بيرجيهJean Bergès أخذ في اعتباره هذا السؤال عن الرضيع المسمى نمطيًا، فإن الأمر بالنسبة لهؤلاء الرضع الذين صرنا نستقبلهم أكثر وأكثر يظل في حاجة للتنظير.

مجموعة مغلقة للبحث في الذاتوية بالرابطة اللاكانية الدولية
Groupe fermé de recherche sur l’autisme à l’ALI :Hervé Bentata, Annik Beaulieu, Paule Cacciali, Mohamed Darwish, Jean-Claude Fauvin, Claire Favrot, Catherine Ferron, Souad Hamdani, Marie Christine Laznik. Invités externes: Roberta Bertone, Marie Couvert, Erika Parlato, Maria Laura Seeling Roman, Catherine Saint George.

إنه لهذا السبب كرست مجموعتنا البحثية المغلقة هذا العام ونأمل أن نتمكن من أن نوافيكم ثماره في ١٤ شهر عند تنظيم يوم في الرابطة عن هذا الموضوع. إنه عمل شاق، السبب الذي لأجله ستكون لندوة اليوم هدف تلخيص ما نعرفه بالفعل وأن نطلب منكم، من هؤلاء الذين سيعملون على قراءة الحلقة الدراسية للاكان عن الإيتيقا أن ينتبهوا بخاصة إلى إعادة التناول الذي قام به لمشروع فرويد لأنه يبدو لنا أنه يحتوي على إجابات لهذه العيادة الخاصة، وسنكون سعداء بأن نتمكن من الاعتماد على اسهاماتكم في القراءة التي قدمها لاكان لهذا النص الذي يسميه: "طبولوجيا للذاتية بقدر ما تتشيد على سطح الكائن العضوي" درس ٢ ديسمبر الحلقة الدراسية عن الإيتيقا.
لأن هذا التآزر بين الاثنين -الذاتية والكائن العضوي- هو ما كلفنا به أنفسنا فعليًا في هذه العيادة.
ولكننا نبدأ بأن نشارككم ما تعلمناه في العشرين عامًا الأخيرة عن تكوين هذه الذاتية بأن نقرأ من خلال مناظير هذه العيادة مفاهيم معينة يقدمها لنا لاكان، وهو ما سمح بتقدم في العالم المسمى "علميًا".

قراءة معينة للنظرية اللاكانية عن الحفزة سمحت بتقدم البحث في الذاتوية

بفضل كرم زملائنا في مؤسسة ستيلا ماري Fondation Stella Marie ببيزا، منذ نهاية التسعينات، أتيحت لنا عشرات الأفلام الأسرية لرضع أصبحوا فيما بعد ذاتويين، وقد اعتقدت فرق العمل من حولنا أنه من الممكن استخدام أدوات ميتاسيكولوجية لاكانية لقراءة ما كنا نشاهده، وهذه الأدوات الميتاسيكولوجية التي تسمح بقراءة الإخفاقات الأولى في العلاقات مع الآخر الكبير أسفرت عن شبكة من علامات خطر نمو الذاتوية عند رضع أصغر بشكل أوضح من هؤلاء المتاحين فعليًا في العالم (١).




مشروع بحث يتخذ المفاهيم التحليلية محورًا له

والفرض المطروح في هذه الأبحاث، ثمرة عمل عيادي-نظري طويل بما فيه الكفاية، كان كالتالي: الباثولوجية الذاتوية عند طفل تكون متزامنة مع عدم إقامة "الدائرة الحافزية المكتملة" circuit pulsionel complet نتيجة لغياب زمنها الثالث.
ولم يبرز أحد سوى لاكان أهمية هذا الزمن الثالث، لذا لا يمكن إدراك الفرض المطروح إلا عقب تناول عمله على نظرية الحفزة، ذلك الموجود في حلقته الدراسية ١١: المفاهيم الأربعة الرئيسية للتحليل النفسي.
ويجب هنا إضافة أن هذا الفرض الميتاسيكولجي منح موقعًا لعشرين عامًا من البحث قام فيها ٦٠٠ طبيب من PMI طبقوا على ١٢٠٠٠ رضيعًا برنامجًا مبنيًا على ما قد أثرناه للتو(٢).
وامتاز هذا البرنامج بأنه لم يبدأ من علية مرضية مطروحة سلفًا، فالصراع بين مؤيدي التكوين النفسي المرضي الخالص في مقابل هؤلاء المؤيدين للتكوين العضوي الخالص قد أصبح أمرًا عقيمًا، فأيًا كانت الأسباب، فإن الرضيع الذي في خطر أن يصبح ذاتويًا أو ذلك الذي أصبح بالفعل يقدم عيبًا في تأسيس هذا الرابط الحافزي مع الآخر الكبير الذي بدونه لن يمكن لبعدي الاغتراب والانفصال المكونين للذات أن يقدما. ومن ثم فإن محاولة إعادة هذا الرابط إلى طريقه المفترض أصبحت هي الدور العيادي للمحلل، وذلك أمر ممكن حتى لو أشارت الأبحاث الحالية إلى قابلية عوامل وراثية أن تلعب دورًا هامًا في العديد من الحالات، فذلك لا يغير شيئًا في عمل الإنعاش الحافزي الذي يمكن للمحلل أن يتعهده مع الرضيع والوالدين.
ولكي نحقق هذا البحث فقد لزمنا في البدء أن نعلم الأطباء في PMI تحديد الروابط الحافزية التي من الممكن أن تكون متغيبة، وما كان من الممكن أن يصير هذا ممكنًا إلا بفضل الفصل بين الحاجة والحفزة التي أكدها لاكان في سيميناره عن المفاهيم الأربعة (ص.١٤٩)، "بالنسبة ل Trieb، فإن الأمر لا يتعلق بالكائن العضوي في كليته. هل الحي هو المهتم؟ لا."
إن هذا التمييز هو ما يسمح باستخدام مفهوم (٣)"الإخفاق في إقامة الدائرة الحافزية" في حالات مثل الذاتوية، دون أن يكون هنالك رد بالحجة من قبل الطبيب بأنه بسبب وجود حياة، للحفاظ على الحياة، توجد حفزة فاعلة. إن تجاهل هذا التمييز -وأنتم تعرفون أن جونز ترجم الحفزة "غريزة" في الطبعة المعيارية- يمكن أن يبرر بتغاضي الكتاب في البلاد الأنجلو-ساكسونية عن الاهتمام الرئيسي بمفهوم الحفزة في العيادة الباثولوجية للبكورة.

كيف يقرأ لاكان الحفزة؟
نعرف أن لاكان فحص المكونات الأربعة للحفزة: الدفعة٬ الهدف٬ الموضوع٬ المصدر.

فأما ما يميز الدفعة هو كونها قوة ثابتة: "ثبات الدفعة يمنع أي مماثلة للحفزة بأي من الوظائف البيولوجية٬ ذات الإيقاع دائمًا٬ فالحفزة ليس لها من ارتفاع ولا من انخفاض" ص١٥٠. إنها علامات هذا النظام التي تسمح لطبيب الطفولة الباكرة أن يرى كل ما لا يسير على ما يرام عند الرضيع٬ حتى لو انتظمت وظائفه البيولوجية وفقًا للإيقاع الذي ينبغي.
والهدف هو الوصول إلى الإشباع الحافزي الذي ينطوي على إقفالٍ في حلقة ذات أزمنة ثلاث، إذ تعني الحفزة بإنجاز مسار معين، وهذا المسار هو ما اهتم به لاكان في تصوره عن الإشباع وإصراره أيضًا على فصله جذريًا عن كل إشباعٍ لحاجة عضوية.
وعند الحديث عن الموضوع ميز لاكان من جديد الحاجة عن الإشباع الحافزي: "لا يمكن لأي موضوعٍ للحاجة أن يشبع الحفزة، فالفم الذي ينفتح في سجل الحفزة لا يتحقق إشباعه من الغذاء"، ويضيف النظرة والصوت للقائمة المعتادة لفرويد: الثدي، القضيب، البراز، وهما مركزيان في عيادة الرضيع،. وفي عملية الإنعاش التي يكون علينا أن نديرها نقوم باستدعاء الحفزة المنشودة، الحفزة النظراتية والحفزة الفمية.
ويقتصر لاكان مصطلح الحفزة فقط على الحفزات الجنسية الجزئية ويصب كل ما يتعلق بالحفاظ على الفرد -أي ما يسميه فرويد "Ich Triebe" حفزات الأنا- في سجل مختلف يسميه "الميدان النرجسي للحب"، ويسقط كل سجل الحاجة نتيجة هذه الحقيقة خارج الميدان الحافزي، وكل هذا واضح في كتاب دارمون Darmon عن الطبولوجيا.
فإشباع الحفزة ليس سوى إنجاز مسيرة في شكل دائرة تأتي لتنغلق عند نقطة انطلاقها، وبالعمل في تفاصيل هذه المسيرة الحافزية ذات الأزمنة الثلاثة، التي وصفها فرويد، يقدم لنا لاكان ما يبدو لي أنه الأكثر تشويقًا وغير المعروف من عناصر مفهومه عن الحفزة: بزوغ ذات الحفزة.

بزوغ ذات جديدة

لاكان، مدفوعًا هنا ربما بخبرته العيادية ولكن قبل أي شيء بالمنطق الداخلي لحديثه، يدعم بشكل معين النص الفرويدي، دعمًا لاكانيًا يمكن اعتباره أداة عمل للعيادة الخاصة ببداية الذاتوية عند الرضع.

يقول فرويد أنه توجد أزمنة ثلاث للحفزة وأنه في الزمن الثالث تظهر ذات جديدة. ويضيف لاكان: "هذه الذات، التي هي بالضبط الآخر، تظهر طالما أن الحفزة استطاعت إغلاق مسارها الدائري، وفقط بظهورها في مستوى الآخر يمكن أن يتحقق هذا الذي لوظيفة الحفزة" ويقول لاكان أن هذه الذات هي أول من يقدم، لأنه قبل انغلاقها فإن الحفزة "تستعرض نفسها وكأنها ذات بلا رأس" ص.١٦٥

من بين هذه الأزمنة الثلاثة يقول لنا فرويد أن الأول نشط حيث يتجه الرضيع، وهو الذي يهمنا أمره، نحو موضوعٍ خارجي- الثدي أو البيبرون؛ بينما يكون الثاني انعكاسي، متخذًا كموضوع جزءًا من الجسد ذاته – التيتينا أو الاصبع. ويكون الزمن الثالث، الذي يصنفه فرويد كسلبي، عندما يصنع الطفل من نفسه موضوعًا لآخر، لهذه الذات الشهيرة -الأم على سبيل المثال.
ولقد كشفت حالة لطفلة ذاتوية صغيرة ذات أعوام خمس كان علينا دراستها مع نورا شايمبرج Nora Scheimberg، (٤) الأهمية العيادية لهذا الزمن بالنسبة للرضيع.
وهذا الجانب البارز النشاط للزمن الثالث من الدورة الحافزية هو ما يؤكد عليه لاكان ولكنه لا يدعوه كما فعل فرويد "زمنًا سلبيًا" ولكن زمن "الاصطناع"، ولهذا الفارق الدقيق أهمية قصوى على المخطط العيادي، وفي أفلام أسر الرضع الذين أصبحوا ذاتويين لا نجد مشهدًا حيث يصطنعون الأكل أو يصطنعون المشاهدة أو يصطنعون السمع.
وقد يحدث أيضًا أن تحاول هذه الأمهات الدخول في اتصال مع رضيعهن بأن تدغدغ بطنه، على سبيل المثال، وحينئذ تدرك الاستثارة على الفور وعبر لحظة لا يستطيع الرضيع أن يتجنب الاتصال أو حتى النظر إلى أمه، ولكن هذا الفعل الذي تقوم به كل الأمهات لكي يعلمن رضيعهن المتعة ينظر إليه من قبل هؤلاء كاقتحام لا يحتمل ضدهم وفي اللحظات التالية ينغلقون على أنفسهم أكثر.
وعلى العكس فالطفل الذي في صحة جيدة الموضوع عارٍ على مائدته ينفخ بطنه، يتهزهز، كموضوع مطروح في انتظار توقعه للمداعبة الفموية لأمه، إنه يترقب إذن، بانتباه، المتعة المسجلة على وجه أمه وفي نظرتها، إذ أنه حلو ليمضغ، وتشبعه بعض الاستعارات المسكرة من قبيل "حبيبي سكر نبات" إنها تحديدًا تلك المتعة التي تأتي هنا متعلقة بها.

وفي حلقته الدراسية ١١ يربط لاكان دائمًا هذه القراءة لنص فرويد عن الحفزات مع قراءة للمشروع ويقدم لنا هنالك أدوات أخرى لعيادة البكورية.



لاكان والمشروع

لأن المشروع في مركز اهتماماتنا الحالية سأسمح لنفسي بتذكير مختصر للطريقة التي تناوله بها لاكان في السابق:

المشروع في الحلقة الدراسية عن الأنا

كما تعرفون أخرج لاكان المشروع من المنفى الذي أغرقه فيه فرويد نفسه، حيث خشي هذا الأخير من أنه قد اقترح فيه علم نفسٍ بيولوجي جدًا ذا توجه نحو تمركزات دماغية.
وتتذكرون مع ذلك أن الأفكار المعبر عنها في هذا المنشور كانت سابقة جدًا لعصرها، حيث طرح فرويد فرضية الحواجز المتشابكة barrières synaptiques والتي لم تكن قد اكتشفت بعد.
وهو ما ذكره لاكان لأنزيو Anzieu في يناير ١٩٥٥ (٢٦/١/١٩٥٦) قبل حتى نشر الترجمة الفرنسية للمشروع، بل حتى بضع شهور قبل ظهور الترجمة الإنجليزية، وفي هذه الحقبة، تلك التي للحلقة الدراسية الثانية عن الأنا، اقتفى لاكان عن قرب آثار السيبرنيتيقا، وكان يعلم أن التوصل لشبكات النيرونات، المعالجة رياضيًا، أتت من السماح بتقدمات هامة في الذكاء الاصطناعي، وفي الخمسينات كان لاكان واحد من الأطباء النفسيين النادرين الذين كانوا مطلعين على هذه الأبحاث، فضلًا عن مشاركة صديقه ليفي شتراوس بنفسه في اللقاء الثاني حول السيبرنيتيقا(٥).

إنه إذًا السبب الذي بسببه استخرج لاكان المشروع من النسيان، ولكن القراءة التي طرحها له لاكان في الحلقة الدراسية عن الإيتيقا، خمس سنواتٍ فيما بعد، هي ما تهم بشكل أكثر مباشرة عيادة البكورية، وسنبدأ بأن نستعرض ما خدمنا منذ زمن طويل في هذه العيادة، أي طبولوجيا الذات والتي هي حاضرة هنا.
في ٢ ديسمبر ١٩٥٩قام بونتاليز Pontalis بعرضٍ هام للمشروع، وفي المحاضرة التالية رد لاكان عليه محددًا عددًا من النقاط الهامة التي أثرتها في حلقتي الدراسية.
وما سيعرض موجود في درس ١٦ ديسمبر، وسأقوم عمليًا بإعادة صياغة لاكان:
في المشروع يقول فرويد أنه في البدء تسود عملية هميوستازية الكائن الحي؛ فوفقًا له تكون الوظيفة الأولى للجهاز النفسي هي عزل الذات عن الواقع بالابتعاد عن العالم الخارجي، وهذا السجل للأنا الأول Real Ich [الأنا الواقعي]، للهميوستاز، يتماشى مع الدفاع الأولي: الذي يكون هدفه الوحيد حماية الجهاز النفسي من الألم أو ببساطة اللا-لذة. وسنرجع لهذا باستفاضة في نهاية هذا العرض. ويقول لاكان أن الأمر معني "بطوبولوجيا ذاتية" تتكون على سطح الكائن العضوي organisme. إن نقطة الترابط هذه بين طبولوجيا الذات والكائن العضوي هي ما تشكل موقع عملنا الفعلي والذي نتوقع أن تسهمون فيه بأقصى ما يمكنكم.
فلنلخص هذا الذي نعرفه بالفعل عن هذه الطبولوجيا الذاتية، فما يستخدمه منذ وقت طويل المحللون النفسيون المنشغلون بالرضع هو كل ما يدور حول القريب المغيث.

وهنا سأقوم ثانية بإعادة صياغة لاكان الذي يعيد صياغة فرويد:
نعرف من حقيقة ابتساره يكون الإنسان الصغير غير قادر فقط على إنجاز فعل معين قادر على إيقاف الاستثارة الصادرة من داخل الجهاز النفسي ومن ثم اللا-لذة التي تصاحبها.
قدم فرويد تصور "مساعدة غريب" مقدمة بواسطة فرد مغيث منتبه إلى الضيق الأصلي (Hilflösichkeit) للطفل، هذا الشبيه (Nebenmensch)، الذي يتداخل منذ بداية الحياة النفسية، وينفذ الفعل القادر على رفع الاستثارة داخلية التكوين Endogène ويسمح بخبرة الإشباع، وهذا الأمر له نتائج جذرية على تعقيدات الجهاز النفسي، لأنه سيترك آثارًا ذكروية لأنظمة متعددة:

1- تلك التي للتفريغ الحركي الناتج عن عدد معين من التحركات التي تضع نهاية للا-لذة المعاشة.
2- استثمار عدد معين من الآثار الذكروية التي تتفق مع إدراك القريب المغيث.
3- تعبيدات بين نظامي صور الذكرى (١ يترابط مع ٢).
ويعتقد فرويد أنه في اللحظة التي قد يوجد فيها انبثاق لحالة الدفعة، يجد الاستثمار تعبيدات فعالة ليقودها لهذا المجموع من صور الذكرى وليحييها، ويسميها فرويد Wunschvorstellungen تمثلات الرغبة، ووفقًا له فإن هذا الإحياء ينتج مماثلًا للإدراك؛ إنه الإشباع الهلوسي الأولي الذي هو مركزي للخبرة البشرية.
لاكان: "وإن لم يوجد شيء يهلوسه كنظام مرجعي، فلن يتوصل أي عالم إدراكي إلى أن ينتظم، إلى أن يؤسس في شكل إنساني. وهذا العالم الإدراكي يعطى لنا كمرتبط، كمعتمد، على هذه الهلوسة الأساسية التي بدونها لن يكون متاحًا أي انتباه" (يوجد هذا في جلسة ٩ديسمبر الإيتيقا ص٦٦).

التمثل (٦)
اقترح عليكم أن تسموا هذا المجموع من صور الذكرى "القطب الهلوسي للإشباع"، وهو ما ينشط عندما يمص الرضيع إبهامه وهو مستغرق في الحلم.
وسنضيف أنه بفضل الخبرة المتكررة، التي تخلق تعبيدات دائمة تجاه مركب تمثلات الرغبة الواقع في نفس هذا القطب الهلوسي، يمكن أن ينتظم عالم التمثل، ويمكن أن يتخذ تعقد الممثل التمثيليreprésentant représentatif للحفزة موقعه. فلتنظروا لماذا، فبفضل الوظيفة الكافة للأنا الواقعي Real Ich لن يحتفظ قطب تمثلات الرغبة هذا بكل الاستثمار.
فجزء من هذا الاستثمار سيتجه نحو القطب الادراكي وسيتحول إلى انتباه نفسي بحثًا عن موضوع الإشباع في العالم الخارجي، ويجب بعد ذلك تقييم الإدراكات الجديدة في ضوء التمثلات المدونة في القطب الهلوسي، وسيخدم هذا بشكلٍ ما بوصفه معيار. ولأن موضوع الواقع لن يصير أبدًا مشابهًا تمامًا لذلك الذي لتمثل الرغبة، فضلًا عن وجود ضرورة كي يجد الجهاز النفسي مشابهات قبل تفويض الإجابة الحركية المعينة، تؤسس تعبيدات جديدة بين التمثلات. وعمليات التقييم والتعرف ستتخذ موقعها مع كل تعقد الأفكار اللاواعية. ولكن هذا لا يمكن أن يقع إلا بشرط أن يبقى التعبيد المتجه نحو المجموع المركب لتمثلات الرغبة مستثمرًا بشكل دائم. حتى هنا لم أفعل إلا إعادة صياغة لاكان.


مُركب القريب

فلنبدأ بإعادة صياغة الاثنين، فرويد ولاكان، إنهما يقولان نفس الشيء:
إن صور الذكرى لهذا الموضوع الأولي الذي يسميه فرويد القريب هي ذات طبيعة مركبة، ويضيف لاكان أن القريب محل السؤال هنا يمكن إلحاقه بتصور الآخر الكبير البدائي غير القابل للنسيان. ونعرف أن "المشروع" هو واحد من النصوص الفرويدية النادرة، إن لم يكن الوحيد، الذي يشيِد فيه بوضوح دور الآخر الكبير منظمة اللاوعي نفسها مفصلًا هاهنا الكلام دون أن تستثار أي شبقية ذاتية سابقة.
وقد أعطى لاكان كما نعرف أهمية مطلقة لهذا القريب.
والمركبات الإدراكية الناتجة عن ذلك تنقسم إلى مكونين -استشهد هنا بفرويد- " أحدهما يفرض كبنية ثابتة، تظل ملتقطة بوصفها شيء (das Ding، نعرف أهميته فيما سيلي من أعمال لاكان) بينما يمكن أن يُحتوى الآخر في عمل من التذكر، إنه يلائم الصفات". إننا نعرف كل هذا كما أعاد تناوله لاكان على هذه الشاكلة.
أنظروا عن قرب أكثر للعبارة التي نحيت على جانب من قبل لاكان، وإن كانت مفيدة للغاية في عيادة البكورية:
" إذن فمركبات الإدراك التي تنتج عن هذا المشابه (Nebenmensch) ستكون جزئيًا جديدة وغير قابلة للمقارنة في سماتها، على سبيل المثال في المجال البصري، بينما إدراكات بصرية أخرى، على سبيل المثال تلك التي لتحركات اليد، على العكس ستتطابق في الذات مع ذكري انطباعاتها البصرية الخاصة، المشابهة تمامًا، القادمة من جسده ذاته، والتي معها ستوجد في ترابط ذكريات الحركات التي خبرها هو ذاته".

إذن، في الجزء الثابت غير القابل للمقارنة، يضيف فرويد سمات في المجال البصري لا يجب أن تخلط بإدراكات بصرية أخرى قابلة للرؤية، وفكرة السمات هذه، أفهمها على أنها سمات الوجه، وسأسمح لنفسي أن أضيف بعد حين في المجال الصوتي، عروض المناغاة.

ويعزو وينيكوت(٧) إلى وجه الأم كمرآة دورًا لا غنى عنه كبشير للخبرة البصرية؛ إنه كل وجه الأم وبخاصة السمات التي يمكن أن تخدم كمرآة للرضيع، ويقول أنه مع ذلك توجد مشكلة عندما لا يعكس وجه الأم إلا مزاجها الشخصي أو، وهو الأسوأ، جمود دفاعاتها، ويعلن وينيكوت بدرب من الحدس العيادي الرائع: عندما لا يعمل وجه الأم كمرآة لرضيعها فإن القدرة الخلاقة لهذا الأخير توجد هزيلة، ونعرف منذ زمن طويل أن هذه العيادة هي لباثولوجية الأمهات وليست للذاتوية، فوينيكوت لم يقابل هؤلاء الرضع الذين لا يستطيعون النظر إلى راشد بمجرد أن يكون هذا الراشد ممثلًا لأقل مصدر للقلق، وهو ما قد يحدث لأي منا، ولكننا سنرى هذا في الجزء الثاني.
فلنتذكر أن هذا Nebenmensch ، هذا القريب المغيث في المشروع لا يدخل في اللعبة إلا بحكم أنه من يخفض التوتر الصادر من داخل الكائن الحي لأن من يحكم هنا هو مبدأ اللذة والسعي للوصول إلى أقل قدرٍ من اللا-لذة.

فلنحاول الآن أن نقابل بين ما قدمه لاكان عن الحفزة في الحلقة الدراسية ١١ مع قد سقناه للتو.

أقتبس: "إن مسار الحفزة هو الشكل الوحيد للانتهاك الذي يكون مسموحًا للذات فيما يخص مبدأ اللذة."
واقتبس أيضًا:" ستدرك الذات أن رغبتها ليست سوى دورة بلا طائل في محاولة صيد أو التعلق بمتعة الآخر، وبقدر ما يكون الآخر متداخلًا، بقدر ما ستدرك الذات أنه توجد متعة فيما وراء مبدأ اللذة".
كما يحدث عندما يمنح الرضيع أصابعه الصغيرة للآخر الكبير كي يأكلها.
لاكان:" هذا الإجبار من قبل مبدأ اللذة الناتج عن تأثير الحفزة الجزئية هو ما يمكننا أن ندرك عن طريقه أن هذه الحفزات الجزئية (تكون) مؤسسة على حدود Erhaltungstrie [غريزة حفظ الذات]، لحفظ الهوميوستاز."

ها هو ما أقترحه كقراءة: عندما يحدث الزمن الثالث للدائرة الحفزية يسجل شيء ما من تمثل الرغبة في القطب الهلوسي للإشباع الأولي، ومن ثم سيوجد أثر ليس فقط لخصائص هذا القريب المغيث – الذي هو الآخر الكبير (Nebenmensch)- ولكن أيضًا شيء ما من متعة هذا الآخر الكبير الذي تعلق به الرضيع، وسيجد الرضيع إحداثيات لذة هذا الآخر الكبير، وهو ما حدثنا عنه لاكان في ٩ديسمبر ١٩٥٩: " إنه ليس هو (الشيء، الآخر الكبير المطلق للذات) ما سنجده ولكن إحداثيات لذته".
فعندما يوجد الطفل وحيدًا مع التيتينة وعندما يستشعر في حلمه دفعة سيوجه الاستثمار نحو قطب الاشباع ويعاد تفعيل تمثل الرغبة. إنه ما يقوله فرويد في المشروع، ولكي نعيد تناول الحفزة الفمية التي فرغنا من وصفها، يمكننا القول أنه في الخبرة الهلوسية للإشباع سيسترجع الطفل ابتسامة اللذة على وجه أمه، وبدءًا من هذا، عندما يعود ثانية الزمن الثاني للدائرة الحافزية سيصير بالفعل ذاتي الشبق لأنه، منذ هذا الحين الذي نكون مررنا فيه بالزمن الثالث، وجد إيروس في الثاني.
فإذا فشل هذا، إذا لم يتم الوصول إلى الزمن الثالث، إذا سدت الدورة بين الزمن الأول والثاني، فإنه لا شيء يضمن أن الشبقية الذاتية ستكون محرومة من علامة الرابط بالآخر الكبير الذي هو إيروس، بمعنى أننا إذا رفعنا إيروس éros [شبق] فستقرأ الشبقية الذاتية auto-erotisme ذاتوية autisme .
لا شيء إذًا يضمن أن القطب الهلوسي للإشباع سيكون في الدائرة وأن كل نظام التمثل، للتفكير اللاوعي، يمكن أن يتشكل لأن الاستعارة والكناية: عمليتا التكثيف والإزاحة غائبان. ومن ثم فلا شيء مدهش فيما قد نجده فيما سيلي من قصور معرفي.

الصوت

عندما يكتب فرويد أن جزءًا يبقى ملتقط ككل، على سبيل المثال السمات في المستوى البصري، فإن ذلك وفقًا لعيادتنا كما قلت لكم يمكن أن يمتد في مستوى سمعي بواسطة عروض المناغاة motherese.
عن ماذا نتحدث هنا؟
يتعلق الأمر هنا أيضًا برؤية بعض نتائج المقابلة بين الأبحاث العيادية وبين قراءة معينة للأطروحات التي سمح بها لاكان.
وقد اهتممنا نحن المحللون المنشغلون بالرضع بالدراسات النفس-لغوية عن اللغة عند الرضيع، وفي حقبة AFI (الرابطة الفرويدية الدولية) نظمنا مؤتمرًا عن هذا الموضوع بالتعاون مع الفضاء التحليلي تحت عنوان "وظيفة ومجال اللغة عند الرضيع".
وقد جذب انتباهي بخاصة مقال لأحد النفس-لغويين لأنه وضع يده، دون أن يعلم، على مواضيع هامة تهم عيادتنا وتوجهنا نحو وسائل تركها لاكان.

قراءة لاكانية لأحد الأبحاث في علم نفس اللغة

في واحد من هذه الأبحاث الأولى ١٩٨٢ تشهد آن فيرنالدAnne Fernald ، إحدى المؤسسات، عند الرضع شهوة فمية متفاقمة لشكل خاص من صوت الأم "المناغاة motherase" بالفرنسية mamanais ، وتقدم هذه المناغاة سلسلة من خصائص معينة في مستوى النحو، وعلامات الترقيم، والتفعيلات والعروض بخاصة، وقد أطلق عليها منذ عدة سنوات أيضًا parentais لأن الرجال أيضًا يعدلون صوتهم القاعدي، وقد اهتمت الكاتبة بالخصائص العروضية لهذه المناغاة وبالأثر الذي تضفيه على الشهوة الفمية للرضيع، وبعملها في حضانة للرضع المعتن بهم جيدًا ما بين يوم وأيامٍ ثلاث اكتشفت أنه حتى قبل صعود اللبن (منذ الأيام الأولى من الحياة) فإن هذا الرضيع الذي لم يقم بعد بخبرة الإشباع الغذائي، يصبح شديد الانتباه عند سماع صوت أمه التي تخاطبه، مستغرقًا في مص تيتينته بكثافة، التيتينة التي يطلق عليها غير غذائية، لأنها لا تمده بشيء؛ فهي لا تقوم إلا بتسجيل حدة المص.
بوصفنا محللين نفسيين، كيف نقرأ هذه المعطيات؟
الاهتمام الحافزي المثار عند الرضيع، المترجم بحدة المص، هو الترجمة الفمية لكل خبرة ذات أهمية عند الرضيع، لا يوجد هنا موضوع لإشباع الحاجة، ونرى جيدًا هنا الفارق الجذري بين موضوع سبب الرغبة -ذلك الذي للحفزة- وموضوع إشباع الحاجة.
والرضيع المتحمس بواسطة شيء ما في هذه المناغاة، يمص بشكل محموم تيتينته، حتى لو كانت هذه المناغاة مسجلة على شريط، ومع ذلك اكتشفت فرنالد أنها لو سجلت كلام الأم لرضيعها، دون حضور الرضيع، فإن النتيجة المتحصلة ستكون مختلفة، إذ لم تعد توجد تلك القمم العروضية الملحوظة تمامًا ومن ثم يظهر الطفل اهتمامًا أقل بتسجيلها، وهو ما يدل على أن عروض مناغاة الأم يعتمد على حضور رضيعها، وعندما تخاطب الأم راشدًا آخر يصبح الصوت مسطحًا وتنطفئ شهية الطفل.
وقد حاولت فرنالد اكتشاف مواقف، يتحدث فيها راشد مع آخر، تنتج نفس هذه القمم العروضية المعينة للمناغاة. نعم، ولكن للحصول عليها يلزم موقف في المجمل نادر جدًا، يظهر فيه ذهول وتعجب وفي نفس اللحظة لذة كبرى، متعة. إذن فالذهول واللذة متزاوجان ينتجان هذا النوع من القمم العروضية. هذا ولم تتوصل فيرنالد إلى أي نتيجة.
عمل لاكان على موضوع الطرف الثالث في حلقته الدراسية "تكوينات اللاوعي" نفس الموضوع الذي وصفه فرويد في "النكات وعلاقتها باللاشعور".
وتذكرون أنه انطلق من فاميليونير (في نهاية درس ٦ نوفمبر ونهاية درس ١٣ نوفمبر ١٩٥٧).
وهو يقول أن هذا الطرف الثالث عند سماع "تكوين لكلمة معيبة كشيء غير جلي، غير قابل للفهم، ملغز". وبدلًا من رفضه لعدم انتمائه للشفرة فإنه يدع نفسه، بعد وقتٍ من الذهول، تتقبل الاستنارة ويتعرف هنالك على نكتة.

يبدو لي أنه تحديدًا بهذا الطرف الثالث -الذي بعد بعض الوقت من الذهول يدع نفسه تستنير باللذة- دعم لاكان مفهومه عن الآخر الكبير المشطوب في الرسم التخطيطي للرغبة. فبقبوله أن يدع نفسه مرتبكًا، مذهولًا، فتلك هي علامة الشطب عند الآخر الكبير. هذا الآخر الكبير يدع نفسه تخدش، إذ يوجد نقصان، واللحظة التالية تكون تلك التي للضحك، وكل الجزء الثاني من كتاب فرويد هو عن تلك الضحكة، التي هي لذة، استمتاع، ومع ذهول ومتعة الآخر الكبير المشطوب نكون في سجل الطرف الثالث للنكتة التي يفهمها الرضيع في خصائص عروض المناغاة التي يكون في نهم شديد لها.
ماذا يمكن أن نتعلم من بحث فرنالد؟
إنها تقول لنا أنه منذ الميلاد، وقبل أي خبرة إشباع غذائي، تكون للطفل شهية غير عادية للاستمتاع الذي تتسبب فيه رؤية حضوره عند الآخر الكبير الأمومي.
المفاجأة واللذة، التي هي خصائص النكتة، إنها هي أيضًا ما تمرره هنا نظرة الأم وصوتها في مواجهة الحركات الفوضوية المميزة للرضيع والتي ستجد وحدتها عبر صورة الآخر.
ستقولون لي كيف يمكن المرور من النكتة إلى الحركات غير المترابطة للرضيع، أليس ذلك أمر صعب الإمساك به.
إن الإجابة في هذه الفقرة التي يقدمها لنا لاكان في درس ١١ نوفمبر ١٩٥٧.
هذا الرسم التخطيطي المكتمل في تقويض الذات وديالكتيك الرغبة (نص سبتمبر ١٩٦٠المكتوب أثناء الصيف الذي تلى الحلقة الدراسية عن الإيتيقا) المكتوبات ص. ٨١٧ .

Publication Laznik


بمتابعة جراف الرغبة سنقرأ أن الدفعة التي تنشط الرضيع تمر عبر S (A) المشطوبة التي يكتبها لاكان متعة الآخر الكبير، ومن ثم نستطيع القول إنه عند الطفل النمطي الذي ينظر إلى أمه، هذه النظرة البسيطة، وحتى هذه الحركات غير المتناسقة -التي سماها بيرجيه Bergès (متبعًا أخورياجيرا Ajuriaguerra ) تسيير وظيفة الرضيع- تطلق عند الرضيع الدهشة واللذة وهو يتعلمها بواسطة عروض صوت الأم، وهذه العروض تصير أول موضوع حافزي.
وفي قراءة متفحصة للأفلام العائلية للرضع الذين أصبحوا فيما بعد ذاتويين، من جماعة بيزا (٨)، لاحظنا أنه، إذا في خبرة الحياة اليومية، وجد غياب للنظرة من جانبهم، غياب للاهتمام بالخطاب الأمومي الذي يعلق على الأنشطة، وإذا لم يشر أي شيء إلى أنهم يمثلون موضوع لأي حفزة أمومية أيًا كانت، فإنهم أحيانًا يستجيبون، فما الذي قاد إلى هذه المعجزة؟
لاحظنا منطلقين من خمس أفلام لرضع أصبحوا ذاتويين أن هذه اللحظة تزامنت مع حضور هذه العروض. وقد افترضت أن الطفل الذي قد يصبح فيما بعد ذاتويًا قد يستجيب في الأشهر الأولى لهذه العروض.
وقد كان من الممكن تأكيد هذا الأمر على الفور عند هؤلاء الرضع الخمس بتحليل، في المعمل، منحنيات صوت الراشد.
وانطلاقًا من هذا أقيمت أبحاث علمية أظهرت – عبر ١٥٠٠ مشهد من الأفلام (٥٠٠ لرضع طبيعيين، و٥٠٠ لرضع أصبحوا ذاتويين و٥٠٠ لرضع ذوي تخلف عقلي) – أن كون هؤلاء الرضع قد أصبحوا بالفعل ذاتويين لا يستجيبون بالفعل إلا إذا كانت هذه العروض حاضرة.
إن لذلك نتائجه على الطريقة التي يمكن أن نحدد بها خطر الذاتوية، حتى عند الرضيع الذي يبدو أنه يستجيب، وأيضًا نتائج للنظرية والتقنية التي نقوم وفقهما بإنعاش نفس هؤلاء الرضع.
ضوعفت المنشورات العلمية للنتائج في معامل متعددة في العالم وبدءًا من افتراض ميتاسيكولوجي، أصبحت تلك "حقيقة علمية"(٩).

وضعية الجسم

قلنا سابقًا أن البحث قد بين أن فرضيتي صحيحة، فعلى عكس الرضع الأخر فإن هؤلاء الذين يسيرون على درب الذاتوية لا يستجيبون إلا في حضور عروض مناغاة الأم والأب، ولكن، وهو ما لم أتوقعه، فإنهم لا يستجيبون دائمًا. إذن فأي شرط آخر يجب أن يكون حاضرًا؟
أقدم هنا أمامكم فرضية جديدة -يمكن أن تصير صالحة أو لا بواسطة أبحاث أخرى- عن أن وضع الجسم يلعب دورًا هامًا.
في عيادتنا مع هؤلاء الرضع، يتعلق الأمر أولًا بأن نقودهم محاولين انتاج عروض حاملة المفاجأة واللذة التي يمكن لنظرتهم أن تستثيرها فينا نحن المعالجين، ومن ثم الآباء، إلا أننا لاحظنا أن الوضع الذي تكون عليه أجسامهم يغير كل شيء. فإذا كان الرضيع في وضع جيد تمامًا مع دعامات يمكن أن تحرره في الإمساك بمحور جسمه بأي شكل فإن حظوظنا لأن نكون مفهومين تكون أوفر بكثير.
فالطفل المعرض للخطر يحتاج لأن يكون محاطًا من الجانبين وأن يشعر بظهره على سطح عريضٍ ثابت.
وما ذكرته للتو عن أهمية استقرار وضع الجسم تصفه بوضوح جانفيف هاج Geneviève Haag وبنفس القدر أندريه بولينجيه André Bullinger الذي ابتكر الموازنة الحسحركية. وقد تعلم كثيرًا مع جوليان أخورياجيرا مؤسس الحركية السيكولوجية، وتعلمون أن جون بيرجيه هو من أخذ بعد ذلك معامل أبحاث جوليان دي أخورياجيرا إلي هنري روسل Henri Roussel.
إن الرضيع النمطي يستجيب إلى عروض جميل مهما كان الوضع الذي هو عليه، بل وحتى يسعى لأن يحضنا، في غياب أي عروض، إذا أضجرته المحادثة بين الراشدين.
ماذا يحدث إذن مع جسد الرضيع المعرض للخطر؟ أشارت الأبحاث الراهنة أن تحركاتهم التلقائية تختلف بوضوح منذ البدء عن تلك التي للأطفال النمطيين.
وفضلًا عن ذلك، لا يستطيعون الدخول في تواصل عندما يتعرضون للألم، وهو ما يحدث لهم غالبًا أكثر من عامة الأطفال لأن الارتجاع المعدي يكون حاضرًا عندهم تقريبًا طوال الوقت.
والوالدان في مواجهة هذا الألم الذي لا يتوقف، هم كالقريب Nebenmensch ، القريب غير القادر على الإغاثة، غير القادر على إيجاد الحل لخفض التوتر، ولا حتى نحن، فنحن مجبرين في البداية أن نستعين بعلاج طبي يصفه طبيب الأطفال: الأوميبارازول (تركيبته الصيدلية تحتوي على الإنيكسيوم أو الموبرال) لإيقاف الألم الداخلي والسماح، بإعطاء هذا الجسد كل الدعم الذي يحتاجه، لصوتنا بالوصول لهذا الرضيع وبداية الابتهاج.
ويجب أن نعلم أن الحركات ذات التمدد المفرط عند هؤلاء الرضع لا تشبه تلك التي عند الآخرين، وهو ما سلط عليه الضوء البروفيسير موراتوري Muratori وفريق عمل بيزا في العديد من الإصدارات العلمية، بدءًا دائمًا من أفلام أسرية يقارنون فيها حركات أطفال أصبحوا ذاتويين بتلك التي للأطفال النمطيين من نفس العمر، وقد كان التناقض مدهشًا.
فبسبب التمدد المفرط، لم يكن ممكنً لهؤلاء الأطفال الزحف على أربع، وأكثر من ذلك، لكيلا يحيوا خبرة الجسد الممزق، فإنهم يتململون ويتنقلون بشكل دائم بغرض إرسال معلومات عضلية للمخ آتية من أعضاء عليا ودنيا لأن صورة متحدة للجسم لم تشيد أبدًا، وحالة الجسد الممزق عندهم لا تتوقف أبدًا بسبب مرحلة مرآة بلا علاج، لأنهم لا يصلون لها. وعندما يصلون لها فإنها لا تكفي لتأسيس وحدة للجسد الممزق.
في الأشهر الأولى من الحياة إذا اتخذنا على التوازي علاجًا على يد محلل نفسي وعلاجًا على يد أخصائي حسي-حركي يمكننا أن نتجنب هذا المصير.
والأمر المثير للاهتمام عند هؤلاء الأطفال أن الصعوبات الحركية تحتاج كي تختفي وقتًا أطول من الصعوبات الحافزية.
وفي نهاية بضعة أشهر من العمل نكون في مواجهة طفل يصطنع أكل أصابعه الصغيرة ويصطنع النظر والإبصار والإنصات وتتأسس عنده حلقة حافزية وإن احتفظ مع ذلك على المستوى الجسدي ببعض الصعوبات.
إن الرضع المنسحبين في مستوى العلاقات بسبب اكتئاب يقدمون أنفسهم في المستوى الجسدي كرضع نمطيين، وهو ما يسمح بتشخيص فارقي بين الانسحابات في مستوى العلاقات لهاتين الفئتين من الرضع.
ولقد وصف أندريه بولينجيه أيضًا تهيجات ملموسة عند هؤلاء الرضع، كما أنهم أيضًا لا يوجدون في عيادة الرضع محرومين من أمهات هشة أو مريضة.
وقد جمعنا كل هذه الملاحظات العيادية هنا أثناء يومي العمل العام الماضي. كيف يمكن أن نمحور كل هذا في مستوى ميتاسيكولوجي مؤيد من فرويد ولاكان؟ يبدو لي أن هاهنا يمكن لقراءة للمشروع، تلك التي قدمها لاكان في حلقته الدراسية عن الإيتيقا، أن تبدأ في إعطائنا عناصر للإجابة. ما الذي ليس على ما يرام عند هؤلاء الرضع؟

فلنعد إلى المشروع كما قرأه لاكان في حلقته الدراسية عن الإيتيقا

يقول فرويد في المشروع أن بنية الكائن الحي تسودها في البدء عملية هوميوستازية، فوفقًا له، تكون الوظيفة الأولى للجهاز النفسي عزل الذات عن الواقع، بتنحية العالم الخارجي، وهذا السجل الأول للأنا -الأنا الواقعي Real Ich للهوميوستاز يتفق مع الدفاع الأولي: الذي يكون هدفه الوحيد هو حماية الجهاز النفسي ضد الألم أو ببساطة اللا-لذة.
يقول لنا لاكان أن المشروع هو "طبولوجيا للذاتية تتشيد على سطح الكائن العضوي."
وما أربك مجموعتنا البحثية هو تلك الروابط بين هذا الكائن العضوي والطبولوجيا الذاتية.
فلنعد إلى فرويد لنرى كيف مَثل عمل هذا الجهاز المكون مما سماه النيرونات φψω:
فرويد: " من الخارج، تهاجم الاستثارات العظمى أطراف الجهاز φ فتصطدم أولًا بأجهزة النهاية العصبية وتجزأ بوسطة الأخيرة إلى حصص...وأكثر من ذلك، تسلك طبيعة غمد النهايات العصبية كغربال بحيث تحدد أي استثارة يمكن أن تمارس على أي من النهايات."
وفيما بعد، عند الحديث عن مشكلة الكم، يعود فرويد إلى ذلك:" بالفعل نرى النيرونات φ تنتهي ليس بحرية على المحيط، ولكن على العكس في البنيات الخلوية التي تتلقى بدلًا منها الاستثارة الخارجية. و"أجهزة النهايات العصبية" هذه، بالمعنى الأكثر عمومية، يمكن أن تتخذ لنفسها هدف ألا يسمح بالممارسة على φ الكميات ( Q ) ليس لتقليل حدتها، ولكن إماتتها، وسيكون لها منذ هذا الحين معنى الحواجب الحامية."
إذن فكما نرى فإن هذه الطبولوجيا للذاتية تعني أن الأجهزة فاي وبسي وأوميجا محمية على سطح الكائن الحي بجهاز.
أين يضع لاكان هذا الجهاز؟
لاكان: " النهايات العصبية في مستوى الجلد، الأوتار، بل حتى العضلات أو العظام، الحس العميق(١٠)".
يذهب لاكان هنا أبعد من فرويد، الذي لا يتحدث لا عن العظام ولا عن الحس العميق، اللذان هما محل السببية في عيادة الرضع الذين سيصبحون ذاتويين. زملائنا الأخصائيين النفسيين للحركة المكونين بداية على يد أندريه بولينجيه يعملون على هذا الحس العميق بواسطة أرضية هزازة تسمح للرضيع بأن يشعر بهيكله العظمي، وهم يعملون أيضًا كثيرًا على الحس العميق لمواجهة التهيج اللمسي الذي يظهره كل هؤلاء الرضع، بمعنى كل لمس يطلق عندهم حالة من اللا-لذة، وهذا العمل يسمح باستعادة سريعة للرابط مع هؤلاء الرضع ويسمح لهم بتشييد رابط حافزي مع الآخر الكبير.


الألم

وهو موضوع خصص له فرويد فصلين في المشروع وقد عاد إليه لاكان كثيرًا.

ويقدم فرويد موضوع الألم على النحو التالي: " اكتشفنا في النظام النيروني منظمة تحفظ فيها الكميات العظمى الخارجية (Q) بمعزل عن φ وأكثر من ذلك عن ψ (...) هل توجد ظاهرة نستطيع أن نربط بينها وبين فشلVersagen أداء هذه الوضعيات؟ أعتقد -يستمر فرويد- أنه الألم، إنه يمكن أن ينتج من جانب عن تضخم في الكم؛ كل استثارة حسية مع تنامي الإثارة تميل إلى أن تصبح من الألم، وذلك حتى عندما يتعلق الأمر بالأعضاء الحسية العليا".
نحن نعرف كل ذلك: من الضوضاء أو من الإضاءات القوية التي تخبر بشكل مؤلم.
والرضع الذين نستقبلهم لا يكونون معرضين لهذا، ومع ذلك يكلمنا فرويد عن حالة ثانية: "إذا وجد هنا ألم عندما تكون الكميات الخارجية ضعيفة -وهي حالة هؤلاء الرضع- فإن هذا يعني أن هذه الكميات الخارجية (Q) تعمل مباشرة على النهايات النيرونية φ وليس عبر الأجهزة العصبية الطرفية".
ويستمر "الألم يتميز بكميات مفرطة (Q) في φ و ψ" والأسوأ هو أن "الألم يترك خلفه في ψ تعبيدات دائمة كما لو أن الصاعقة قد سقطت". هذا وقد علمتنا عيادة الذاتوية أي ضرر تحدثه التعبيدات التي تقود إلى تمثلات الرغبة المرتبطة بالذكريات حول القريب المغيث.
بالمصادفة عيب المصفى هذا، والذي يظهر بشكل مختلف في علم بيولوجيا الأعصاب المعاصر، هو أحد الفروض المطروحة للمشكلة عند هؤلاء الرضع.

فلنتجه الآن إلى طبولوجيا الأنظمة فاي وبسي وأوميجا

دور النظام فاي

إن ما قرأناه جميعًا في نص فرويد هذا هو أن: العالم الخارجي هو أصل كل الكميات الضخمة من الطاقة، إنه يتكون من كتل قوية، منسلخة بعنف، وتكون مهمة الجهاز φ المتجه نحو العالم الخارجي تفريغ الكميات (Q η) بأكثر سرعة ممكنة.
ويذكر فرويد، مرة ثانية، أن الأجهزة المكونة بواسطة النهايات العصبية قد تكون حاجبًا، بغرض ألا تمارس على φ إلا حصص معينة من الكميات الخارجية على الرغم من أن φ تنجز في نفس الوقت الجانب الأعظم من تفريغ الكمية، بواسطة أي وسيلة؟
بتحويلها إلى استثارة حركية متناسبة، يقول لنا فرويد أن الجهاز الحركي ملحق مباشرة بفاي.

وقد وصف فريق عمل بيزا حركية خاصة عند الرضع الذين أصبحوا فيما بعد ذاتويين: ليس فقط حركات التمدد المفرط كحركات تهيج حركي، لأطراف الأعضاء العليا أو الدنيا، فقد وصف أندريه بولينجيه وفريق عمله حركات غير منتظمة للأعضاء فيما بينها كتلك الموجودة في وصف جنفيير هاج عن الانشطار يمين-شمال، وقد لاحظوا أيضًا، ومبكرًا جدًا فرقًا ملحوظًا بين انسيابية الحركات التلقائية للرضع النمطيين وبين تلك التي عند هؤلاء الرضع، الذين على طريق الذاتوية، الأكثر تشنجًا وتكرارية.

فلنعد إلى المشروع: في فصله عن الكيف يتناول فرويد دور الأعضاء الحسية: "الأعضاء الحسية تسلك فقط لا كحجاب ضد الكمية (Q) مثل كل أجهزة النهايات العصبية، ولكن أيضًا كغربالٍ لا يسمح إلا بمرور قدر معين، يحوله على فاي وهذا يتابعه حتى بسي ونحو النيرونات أوميجا حيث تولد مشاعر كيفية (الإحساس)".
فرضي هو التالي: يوجد عند هؤلاء الرضع عيب فطري فيما يسميه فرويد أجهزة النهاية العصبية، والتي لا تقوم بعملها كمصفى، وبسبب هذا فإن الأعضاء الحسية هي ما يكون عليها أداء ذلك عندهم؛ حيث يوجه قدر كبير من العمل في غلق الحواس: بألا ينصت، بألا يشاهد، الخ.
ماذا يقول لاكان في هذا الموضوع: " يقول لنا فرويد أن الجهاز الحسي لا يلعب فقط دور مثبط ومميت، كما يفعل الجهاز فاي بصفة عامة، ولكن كغربال". ويقلق فجأة من الهجمات التي يمكن أن تنتج ضد الإدراكات البصرية أو السمعية أو الأخرى.
وما يجيد الرضع المعرضين للخطر، مثل هؤلاء الذين أصبحوا ذاتويين، فعله في المستوى الحركي لتجنب هذه الكميات هو إدارة الوجه لكي لا يروا وجه أيًا كان والذي، كالعادة، يكون حاملًا لتعقيد المشاعر الإنسانية والتي يبدو أنهم يكونون في مقابلها بلا مصفى. ولأنهم لا يستطيعون سد آذانهم فإنهم يتوصلون إلى التركيز على تناقضات مضيئة من قبيل تجنب الصوت أيضًا، ويتساءل الآباء حينئذ هل أطفالهم صم.

النظام بسي والاستثارات القادمة من داخل الكائن العضوي

وفقًا لنموذج المشروع، فإن الاستثارات القادمة من داخل الكائن العضوي تستقبل مباشرة بواسطة بنية يسميها النيرونات بسي، وتستقبل هنالك الاستثارات الداخلية التي يمكن أن تحدث اللا-لذة، مثل الجوع أو العطش، ويعتمد الإنسان الصغير في بكوريته على القريب المغيث لكي يخفض له تلك الاستثارات. والأطفال الذين نستقبلهم لا يعانون لا من هذا ولا من ذاك، ومع ذلك في داخل كيانهم العضوي تصل استثارات تسبب ليس فقط اللا-لذة ولكن حتى الألم، الارتجاع المعوي على سبيل المثالRGO ، وهنا تكون لهم مصادر أخرى من الألم.
وقد اهتم لاكان بهذه الاستثارات القادمة من داخل الكائن العضوي منذ ٢ ديسمبر في أول درس تحدث فيه عن المشروع في حلقته الدراسية عن الإيتيقا.
استمعوا لذلك: Schlüsseneuronen «النيرونات المفتاحية» لها وظيفة فيما يخص ψ المتجه نحو الداخل والذي يستلم منها الكميات، كما أن لها نموذجًا خاصًا في الاستجابة، في التفريغ، ينتج داخل النظام ψ، وهذا التفريغ وهو الأمر المتناقض ليس له من وظيفة إلا أن يضخم ثانية الشحنة".
ويلاحظ لاكان أن فرويد يسميهم أيضًا "motorische Neuronen"، ففريد يتحدث هنالك عن العضلات والنيرونات الإفرازية، ويرى لاكان أن هذه ليست هفوة من فرويد كما تصور المترجم الإنجليزي، وأنه بالفعل عندما توجد استثارات تنتج في داخل النظام ψ حيث لا يوجد فلتر -فإن هذا ذلك يستثير سلسلة من الحركات التي بدلًا من خفض التوتر ستضخمه.
وبالنسبة للاكان فإن لهذا أهمية عظمى لتوضيح الأعصبة الفعلية، وبالنسبة لنا نحن المحللون النفسيون للأطفال فإن ذلك أيضًا مهم، لأننا عند نستقبل هؤلاء الرضع نواجه بأن آلام الارتجاع المعوي يثير تشنجات وحركات تمدد مفرط تكون نتائجها الافرازات الحمضية التي تؤدي ثانية إلى المزيد من الألم.
وإذا كنت أقول:" شيء ما أدهشني سابقًا -في تنظيم النخاع الشوكي، حيث نجد فيه نيرونات وأكسونات الألم في نفس المكان، في مراحل معينة، تلك التي في مراحل أخرى نيرونات معينة وأكسونات معينة مرتبطة أساسًا بالحركية المنشطة، تتلاقى"
وستردون علي باستحقاقٍ أنني هنا أعطي كثيرًا من الاهتمام إلى الكائن العضوي بل وأكثر بإثارة المواقع التشريحية، ولكنه لاكان الذي يتحدث هنا(١١)، إن لاكان هو من يهتم بالكائن العضوي.
وفي نفس درس التاسع من ديسمبر يرجو لاكان من طلابه أن يقرؤا بطريقة مستمرة مقال die Verdrängung الكبت، لقد فعلت، ولقد وجدت ملاحظة شيقة عن الألم الموضوع مع دفعة الحافز(١٢)، يقول فرويد "مثير خارجي، على سبيل المثال تآكل أو تدهور عضو، يستدخل ويمد هكذا بمصدر جديد لاستثارة ثابتة وبتضخم للتوتر، ويكتسب هنا تشابه كبير مع الحفزة". وقد اندهش دكتور باسكال أمبرواز الذي يقوم باستشارة لذاتويين صغار من الطريقة التي أمكن لهؤلاء الأطفال تكوين قبضات ذات أحاسيس مؤلمة للارتجاع المعوي، وقد بينت الاختبارات الممارسة وجود تلف في الخلايا.
سأنهي هذا المدخل الأول للمشروع لكي يساعدنا على فهم الألم والاضطرابات الحركية والحسية عند الرضع الذين سيصبحون ذاتويين بتقديم امتناني لإيملي (ثلاثة أشهر) التي أتت كل الأسابيع من بريتاني لكي تتلقى العلاج سواء على المستوى النفسي أو على المستو الجسدي.
عندما ولدت إميلي أدركت أمها، التي كان لديها بالفعل فتاة صغيرة أخرى، منذ اليوم الأول أن هنالك مشكلة ما، فهذه الرضيعة كانت شديدة التألم، وقد حدد الطبيب النفسي ارتجاعها المعدي، وأخضعها لعقار إنكسيوم، ولكن الحالة ظلت متيبسة، والأعين شديدة الاتساع تبحلق في الفراغ، غير متاحة للتواصل، وقد وصلت حالة تيبسها إلى درجة أن طبيب الأطفال العصبي المستشار فكر على الفور في متلازمة خطر ذاتوي، وقد أحالتها لي محللة نفسية زميلة في جمعيتنا صديقة للأم، وقد استفادت إميلي بعلاج موازٍ على يد المحللة أنيك بوليو زميلتنا الشابة أخصائية عظام الرضع منذ زمن بعيد والتي اكتشفت على الفور أن كتف إميلي كان مخلوعًا، كان الوالدان وطبيب الأطفال متجنبين تمامًا، لماذا؟ لأن هؤلاء الأطفال لديهم هذا العيب الفطري للمصفى، من حيث أن كل لمسة هي غازية، وتثير حركات للتجنب تمنع إيجاد منطقة نهائية للألم.
في نهاية أشهر تسع لم تعد إيملي بحاجة لركوب القطار السريع، وأمها سعيدة للعلاقة التي تجمعهما معًا، وبفضل علاجٍ حسي حركي استفادت منه طورت أطرافٍ أربعٍ رائعة قبل المشي، وستتمكن من مواجهة المتع والنكسات والفشل والنجاح الذي تحمله الحياة لكلٍ.
يهدف هذا العمل على المشروع أيضًا إلى إبراز، في ميدان التحليل النفسي، الاهتمام باقترابنا المتزامن نحو الجسد والنفس.



• سيجموند فرويد، نحو مشروع لسيكولوجية علمية ١٨٩٥  

Note de traduction